دعوى فسخ عقد الإيجار في القانون

الأردني

إن دعوى فسخ عقد الإيجار هي من الدعاوى المهمة التي تُظهر ميزان قوى القانون وكيف يوازن بين مصالح الطرفين في العقد بالرغم من أنهم وقعوا أو اتفقوا على عقد والعقد شريعة المتعاقدين، لكن القانون تدخل وحمى المتضرر ليحفظ التوزان في هذا المجتمع وحتى لا يتعسف أحد في تنفيذ العقود ومنهم عقد الإيجار، لقد حظي عقد الإيجار بالذات بأهمية كبيرة لأن المستأجر فيه يتصرف في ملك المالك وينتفع فيه مقابل عوض فهنا القانون حمى للمالك ملكه وفرض على المستأجر قيود وأيضاً حمى الاستعمال الآمن للمستأجر وأجبر المؤجر بتمكينه من المنفعة المأجورة وعدم التعرض له وفي حل مخالفة القانون والتعدي على حقوق الغير وعدم قيام أحد أطراف عقد الايجار بالتزاماته أعطى القانون الطرف الآخر المتضرر الحق في فسخ عقد الإيجار وإعادة الحال كمان كان عليه إن كان الوضع يسمح بذلك وإلا فالتعويض.. دعونا اليوم نتعرف على دعوى فسخ عقد الإيجار على وجهٍ من التفصيل..

علاء الدين ملحم

محامي


قائمة المحتويات:

-       اولاً: المقصود بدعوى فسخ عقد الإيجار

-       ثانياً: الشروط الواجب توافرها قبل إقامة الدعوى

-       ثالثا:ً الحالات التي تُجيز لأحد الطرفين فسخ عقد الإيجار

-       رابعاً: ما العلاقة بين قاعدة العقد شريعة المتعاقدين وفسخ عقد الإيجار؟

-       خامساً: ما الفرق بين الفسخ والانفساخ حسب القانون المدني الأردني؟

-       سادساً: ما هي المحكمة المختصة برفع دعوى فسخ عقد الإيجار؟

-       سابعاً: ما هو أثر دعوى فسخ العقد؟


أولاً: المقصود بدعوى فسخ عقد الإيجار

-       الدعوى هي الوسيلة القانونية التي يتوجه بها صاحب الحق إلى المحكمة لحصول على تقرير لحقه أو المطالبة به[1].

-       فسخ العقد هو انحلال الرابطة العقدية بأثر رجعي في العقود الملزمة لجانبين عندما يمتنع أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه ([2]).

-       عقد الإيجار: هو تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقضاء عوض معلوم ([3])، وقد عرفت الشريعة الإسلامية عقد الإيجار بأنه عقد على المنافع بعوض ([4])

من خلال هذه التعاريف يمكننا دمجها ببعضها وتعريف دعوى فسخ عقد الإيجار فأنها هي الوسيلة القانونية التي أتاحها ونظمها القانون حتى يستطيع أحد أطراف عقد الإيجار (المستأجر والمؤجر) في حال عدم تنفيذ الطرف الآخر التزامه أن يطلب من القضاء حل هذه الالتزام التعاقدي، ومما يُجيز لأحد الأطراف فسخ هذا العقد نتيجة تقصير الطرف الآخر، وينص القانون الاردني على أنه: في العقود الملزمة لجانبين إذا لم يوفِ أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى ([5]).

ثانياً: الشروط الواجب توافرها قبل إقامة الدعوى/

يشترط قبل إقامة الدعوى:

1.    أن يكون هناك عقد إيجار صحيح وحتى يكون عقدا لإيجار صحيحاً يجب توافر عدة أركان فيه وهي:

أ‌.      الأطراف/ المستأجر والمؤجر يشترط فيهما الأهلية القانونية التي تأهلهما التصرف وعقد الإيجار.

ب‌.   المحل/ أن يكون محل عقد الإيجار محدد ومعين تعيين نافي للجهالة حتى لا يختلط الأمر على الطرفين، كأن يقول المؤج للمستأجر أجرتك إحدى شقق هذه العمارة هذا التعيين غير نافي للجهالة لأن المستأجر لم يعرف أي شقة بالتحديد، لذلك يجب أن يكون تعيين المنفعة المؤجرة تعييناً نافياً للجهالة كأن يقول أجرتك الشقة رقم 8 من هذه العمارة.

ت‌.   السبب/ أن يكون سبب عقد الإيجار مشروعاً وقانونياً إذ أنه لا يجوز تأجير محل تجاري لبيع المخدرات مثلاً.

ث‌.   الأجرة/ وهذا ركن خاص بعقد الإيجار بالمنفعة تقدم مقابل عوض معلوم في عقد الإيجار.

2.    أن يكون أحد المتعاقدين أخل بواحد من التزاماته، وهنا يجدر بنا توضيح التزامات المؤجر والمستأجر كل واحد منهم على حدا:

أ‌.      التزامات المؤجر ( 6):

-       تسليم المأجور: يلتزم المؤجر في عقد الإيجار بتسليم محل العقد وتمكين المستأجر من استلامه

-       صيانة المأجور: يلتزم المؤجر أيضاً بصيانة المأجور دورياً حتى يستطيع المستأجر ان ينتفع في محل الإيجار.

-       عدم التعرض للمستأجر تعرضاً مزعجاً مؤذياً.

ب‌.   التزامات المستأجر[7]:

-       المحافظة على المأجور: يجب على المستأجر أن يحافظ على المأجور محافظة الشخص العادي.

-       عدم إحداث تغييرات في المأجور إلا بإذن المؤجر.

-       إجراء الترميمات والإصلاحات اللازمة الضرورية البسيطة.

-       تمكين المؤجر من صيانة المأجور دورياً.

-       تسليم المأجور بعد انتهاء عقد الإيجار وبعد انتهاء الانتفاع منه.

-       عدم تأجير المأجور للغير إلا بإذن المؤجر.

3.    ألا يكون طالب الفسخ مقصراً وقد نفّذ التزامه أو كان مستعداً لذلك، فليس من العدل أن يُطالب غيره بتنفيذ التزامه وهو لم ينفذ التزامه ([8]) لذلك عليه أن يكون غير مقصر أو مستعد لتنفيذ الالتزام هذا، فمثلاً إذا رفض المؤجر تنفيذ العقد وتمكين المستأجر من العين المؤجرة على المستأجر أن يكون قد دفع الأجرة حتى يطالب بالفسخ أو يكون مستعداً لدفعها.

4.    الإنذار العدلي: فقد نص القانون المدني علي أنه:" في العقود الملزمة لجانبين إذا لم يوفِ أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى"

إذا يجب إندار الطرف الذي يرغب في الفسخ الطرف الآخر حتى يمهله مدة للقيام بالتزامه وإن لم يقم به رغم إنذاره يكون قد قصر في تنفيذ التزامه ويلجأ الطرف الراغب بالفسخ إلى القضاء.


إذاً إن كان عقد الإيجار صحيحاً حينها يُرتب التزامات في ذمة أطرافه ويُلزم كل طرف منهم بتنفيذ التزاماته التي حددها القانون، وإذا لم يقم أحد الأطراف بتنفيذ التزاماته حتى بعد إنذاره عدلياً يحق للطرق الآخر أن يفسخ عقد الإيجار ويتلجأ للقضاء للمطالبة بذلك.

ثالثاً: الحالات التي تُجيز لأحد الطرفين فسخ عقد الإيجار:

يجوز لأحد طرفي عقد الإيجار فسخ العقد وبحسب القانون كل طرف له حالاته الخاصة نفصل كالآتي:

-       الحالات التي يجوز فيها للمؤجر فسخ عقد الإيجار:

1.    إذا قام المستأجر بتأجير المأجور للغير بدون إذن المستأجر.

2.    إذا حدث ما يمنع التنفيذ وهذه المادة تبيح للمؤج والمستأجر فسخ عقد الإيجار في حال امتنع أحدهما عن تنفيذ التزاماته المطلوبة منه.

-       الحالات التي يجوز فيها للمستأجر فسخ عقد الإيجار:

1.    في حال عدم تسليم المؤجر محل عقد الإيجار أي المأجور فهنا المؤجر لم ينفذ التزامه فيُطالب المستأجر فسخ عقد الإيجار.

2.    في حالة النقصان في عدد وحدات المأجور إذا عُقِد الإيجار على شيء معين بأجرة إجمالية وذكر عدد وحداته دون بيان أجرة كل وحدة منها فظهرت أزيد أو أنقص كانت الأجرة هي المسماة في العقد لا يزاد عليها ولا يحط منها ([1]).

3.    إذا تعرض المؤجر للمستأجر تعرضاً يؤدي إلى حرمان المستأجر من الانتفاع بالمأجور ([2]).

4.    إذا كان المأجور معيباً عيباً يمنع من الانتفاع بالمأجور ([3])

5.    إذا كانت الصيانة التي يقوم بها المؤجر للمأجور تمنع من الانتفاع بالمأجور ([4]).

6.    إذا استلزم تنفيذ عقد الإيجار إلحاق ضرر بيّن بالنفس أو المال له أو لمن يتبعه في الانتفاع بالمأجور ([5])

7.    إذا حدث ما يمنع التنفيذ ([6]) وهذه المادة القانونية تفتح الباب لحالات فسخ عقد الإيجار وتجعل الحالات التي حددها القانون على سبيل المثال لا الحصر.

رابعاً: ما العلاقة بين قاعدة العقد شريعة المتعاقدين وفسخ عقد الإيجار؟

قاعدة سلطان الإرادة هي: "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي حددها القانون" غير أن هذا المبدأ لم يكن وليد قانون وضعي بل إن التشريع الإسلامي قد تناوله منذ عهد الرسول -صلي الله عليه وسلم- حين قال: " المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراما أو حرّم حلالاً "[7] وحيث أن الحرية الفردية هي الأصل ولكن القانون والشريعة الإسلامية قيدوها لعدم التعسف في استعمالها وعدم ضرر الآخرين وإيذائهم وهذا يندرج تحت فسخ عقد الإيجار حيث أن القانون أباح لهم وسمح لهم بتنظيم عقود إيجار ولكن حد من الضرر الذي من الممكن أن يسببه أحد الطرفين وهذه هي وظيفة القانون بشكل عام وهي إحداث توزان في النظام الاجتماعي حتى لا يطغى أحد على أحد.

خامساً: ما الفرق بين الفسخ والانفساخ حسب القانون المدني الأردني؟

ينقسم الفسخ من حيث وقوعه إلى اتفاقي وقضائي وقد يكون الفسخ بحكم القانون ويسهى حينها انفساخاً[8]، إذا يمكننا التطرق لأنواع الفسخ:

-       الفسخ الاتفاقي: قد يتفق الأطراف على اعتبار العقد مفسوخاً إن لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه على أكمل وجه[9].

-       الفسخ القضائي: أن يلجأ الأطراف إلى القاضي لفسخ عقد الإيجار في حال توافرت حالة من حالات الفسخ المذكورة في القانون وتجيز الفسخ ولم يتفق الأطراف على فسخه في حال توافرها.

-       الفسخ القانوني (الانفساخ): وهنا تكون استحالة التنفيذ بسبب قوة قاهرة لا دخل لأي طرف فيها وينص القانون على أنه:" في العقود الملزمة لجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل التنفيذ مستحيلاً انقضى مع الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه ... "[10]

إذاً فإن الانفساخ هو أحد أنواع الفسخ وهو الفسخ بقوة القانون.

سادساً: ما هي المحكمة المختصة برفع دعوى فسخ عقد الإيجار؟

يتم رفع دعوى فسخ عقد الإيجار بتقديم لائحة دعوى في محكمة الصلح المختصة بذلك نوعياً ([11]).

سابعاً: ما هو أثر دعوى فسخ العقد؟

1.    انحلال عقد الإيجار: ويقصد بانحلال العقد هنا هو زوال الرابطة العقديـة بعـد نـشوئها صـحيحة، وزوال العقد هذا، ينتج عنه زوال الالتزامات الناشئة عنه، ولذا لا يكون العقد أساسا لمطالبة أحد المتعاقدين بالالتزامات الناشئة عنه، ويتحلل بالتالي الدائن مـن مطالبة المدين المخل بالتزامه بالالتزامات التي تقع على عاتق الدائن[12] يعني أن العقد يزول وتزول معه كافة الآثار التي ترتبت عليه وإن كان أحد المتعاقدين قد تضرر من هذا الزوال يحق له اللجوء المطالبة بالتعويض.

2.    التعويض (إن كان له مقتضى): التعويض هو حق يثبت للدائن نتيجة اخلال المدين لتنفيذ التزامه والذي قد يتخذ الشكل النقدي أو ترضية معادلة للمنفعة ترضي الدائن[13] وحتى يحق لأي طرف من أطراف العقد المطالبة بالتعويض يجب أن تتوفر شروط وهي[14]:

أ‌.      عدم وفاء المدين بالتزامه أو تأخره في تنفيذه التزامه.

ب‌.   إصابة الدائن بضرر جراء ذلك.

ت‌.   وجود علاقة سببية بين الضرر الذي أصاب الدائن وخطأ المدين.

ث‌.   إعذار المدين.

وتتم المطالبة بالتعويض في المحكمة المختصة حسب قيمة التعويض.

المصادر والمراجع:

1. عثمان التكروري، تعريف الدعوى ومقوماتها

2. توفيق حسن فرج، 1992، النظرية العامة للالتزام ص 328

3. المادة رقم 658 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976م.

4. حسين على محمد، بحث انتهاء عقد الإيجار ص2

5. المادة رقم 157 من القانون المدني.

6. المادة رقم 677 حتى المادة 691 من القانون المدني الأردني.

7. المادة رقم 692 حتى المادة 701 من القانون المدني الأردني.

8. هبه كوبري، 2021، الإطار القانوني لفسخ العقود الملزمة لجانبين، ص 34

9. المادة رقم 679 من القانون المدني الأردني.

10. المادة رقم 685 من القانون المدني الأردني.

11. المادة رقم 687 من القانون المدني الأردني.

12. المادة رقم 697 من القانون المدني الأردني.

13و 14. لمادة رقم 699 من القانون المدني الأردني.

15. حسين على محمد، بحث انتهاء عقد الإيجار ص11

16و 17. هبه كوبري، المرجع السابق رقم8، ص35

18. المادة رقم 247 من القانون المدني لأردني.

19. المادة رقم 3 من قانون محاكم الصلح الأردني.

20. شامل عسله، الآثار القانونية في الفسخ القضائي للعقود المتعاقبة، ص9

21. هبه كوبري، المرجع السابق رقم 8، ص62

22. هبه كوبري، المرجع السابق رقم8، ص64