تسليم المجرمين بين الدول العربية

سنتحدث عن تسليم المجرمين بين الدول العربية ولما لهذا الموضوع أهمية بسبب تعلقه بسيادة الدول، حيث أن سيادة كل دولة تكون على إقليمها فيطبق عليه قانونها وتكون سلطتها عليه لأن السلطة تفويض من الشعب فلا يُمكن لسلطة دولة أن تتجاوز حدود إقليمها، ونظراً لسهولة تحرك الأفراد بسبب التطور التكنولوجي فإن بعض الأفراد الذين يرتكبون الجرائم في إقليم دولتهم يهربون من وجه العدالة والسلطة في بلادهم ويلجؤون لدول وأقاليم أخرى وذلك تحتاج الدول للتنسيق والتعاون فيما بينها في هذه الناحية لتسليم المجرمين الذين ارتكبوا جريمة خارج الأردن كالإحتيال وهربوا إلى الاردن فهذه الاتفاقية تلتزم الاردن بتسليمهم إلى الدولة العربية التي طلبت التسليم حتى تتم محاكمتهم، ولكن هذه هذا التسليم يكون في كل الجرائم؟ هل له شروط؟ وكيف يتم التسليم؟ سيتم الإجابة على هذه الأسئلة في مقالنا..

علاء الدين ملحم

Lawyer-partner-Head Of Corporate Department


قائمة المحتويات/

-      من هو المجرم؟ وما المقصود بتسليم المجرمين؟

-      ما مدى مشروعية تسليم المجرمين بين الدول العربية؟

-      ما هي شروط تسليم المجرمين؟

-      ما هي كيفية تسليم المجرمين وإجراءات التسليم؟


أولاً/ من هو المجرم؟ وما المقصود بتسليم المجرمين؟

المجرم: هو الشخص الذي لا يتلزم ولا يخضع لقانون الدولة ويحاول انتهاكه ويعاني قصوراً في التوفيق بين غرائزه وميوله الفطرية وبين مقتضيات البيئة الخارجية التي يعيش فيها ([1])

تسليم المجرمين: هي عملية قانونية اتفاقية تتم بين دولتين تطلب إحداهما من الأخرى تسليمها شخصاً يقيم على أرضها لتحاكمه -أي الدولة الطالبة- على جريمة من اختصاص محاكمها ويعاقب عليها قانونها أو لتنفيذ حكم صادر عن هذه المحاكم ([2])

ينشق عن تعريف تسليم المجرمين السابق ذكره تعريفان يجدر بي الإشارة إليهما:

الدولة طالبة التسليم: هي الدولة التي تم ارتكاب الجريمة على إقليمها.

الدولة المطلوب منها التسليم: هي الدولة التي يتواجد فيها المتهم أو المجرم الذي ارتكب الجريمة.

ثانياً/ ما مدى مشروعية تسليم المجرمين بين الدول العربية؟

نظراً لأن قانون الدولة لا يطبق إلا في إقليمها استناداً للاختصاص المكاني للقوانين، فمن أين يأخذ قانون تسليم المجرمين بين الدول العربية مشروعيته؟ إن نظام تسليم المجرمين قائم على أساس التعاون الدولي لمكافحة الجريمة ونشر الأمن والاستقرار في المجتمعات الدولية كافة ([3]) ويستمد هذا النظام مشروعيته من القانون الجنائي الدولي والذي هو مجموعة القواعد القانونية التي توضح الأفعال التي تعد جرائم دولية وتحدد الجزاءات المقررة لها وتبين الإجراءات التي يتعين مباشرتها عن اقتراف إحدى هذه الجرائم كي توقع الجزاء الجنائي على من تثبت مسؤوليته ([4]) وحيث أن القانون الدولي من الأساس هو مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات فيما بين الدول نذكر بعض هذه الاتفاقيات والتي هي أساس مشروعية تسليم المجرمين:

1.  اتفاقية تسليم المجرمين 16 يوليو 1934 ما بين حكومة فلسطين وشرق الأردن.

2.  اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي سنة 1983 ودخلت فيها 19 دولة عربية وهم: الأردن والإمارات وتونس والبحرين وجزائر وجيبوتي والسعودية والسودان وسوريا والصومال وسلطنة عمان وفلسطين ودولة قطر والكويت ولبنان وليبيا والمغرب واليمن.

3.  اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953 ودخلت فيها 21 دولة عربية ال 19 دولة في اتفاقية الرياض بالإضافة إلى جزر القمر ومصر.

ثالثاً/ ما هي شروط تسليم المجرمين؟

عند الحديث عن شروط التسليم ينبغي علينا التفرقة بين شروط التسليم المتعلقة بالمجرم نفسه، وشروط التسليم المتعلقة بالجريمة التي تتم مطالبة التسليم استناداً لها، كالآتي:

·     شروط تتعلق بالمجرم شخصياً:

1.  ألا يكون المجرم شخص ذو حصانة قضائية وهم ([1]):

أ‌.    رؤساء وملوك الدول الأجنبية المتواجدين في إقليم دول أخرى.

ب‌. رجال القوات المسلحة المتواجدة على إقليم الدولة بإرادتها.

ت‌. رجال السلك الدبلوماسي.

2.  ألا يكون الشخص المطلوب تسليمه من رعايا الدولة المطلوب منها التسليم على أن تتولى هي محاكمته وتستعين بالتحقيقات التي أجرتها الدولة طالبة التسليم ([2])

·     شروط تتعلق بالجريمة:

1.  أن يكون الشخص المطلوب تسليمه ([3]):

أ‌.    وجه إليه اتهام أو حكم حضورياً أو غيابياً عن أفعال معاقب عليها بمقتضى قوانين كل من الطرفين المتعاقدين -طالب التسليم والمطلوب منه التسليم- بعقوبة سالبة للحرية مدتها سنة أو أكثر بغض النظر عن الحد الأدنى أو الاقصى الذي تندرج منه العقوبة.

ب‌. من وجه إليه اتهام أو حكم عليه غيابياً أو حضورياً عن أفعال غير معاقب عليها في قوانين الدولة المطلوب منها التسليم أو كانت العقوبة المقررة في قانون الدولة طالبة التسليم لا يوجد ما يقابلها في قانون الدولة المطلوب منها التسليم إذا كان من مواطني الدولة طالبة التسليم أو دولة أخرى قانونها يعاقب نفس العقوبة.

2.  ألا تكون الجريمة سياسية فقد نص الدستور الأردني على أنه لا يُسلم اللاجئون السياسيون بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية ([4]) ويستثنى من ذلك ([5](:

أ‌.    جرائم الاعتداء على الملوك ورؤساء الدول أو زوجاتهم أو أصولهم او فروعهم.

ب‌. جرائم الاعتداء على اولياء العهد.

ت‌. الجرائم الإرهابية.

3.  ألا تكون الجريمة المطلوب من أجلها سقطت بمرور الزمن وفقاُ لقانون إحدى الدولتين ([6])

4.  أن يكون الفعل يُشكل جنحة أو جناية ومجرماً لدى الدولة طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم أما إذا كان الفعل لا يشكل جريمة في قانون الدولة المطلوب إليها التسليم وهنا يكون التسليم ليس واجباً ([7])

5.  ألا يكون الشخص المطلوب تسليمه سبقت محاكمته عن الجريمة ([8])

6.  ألا يكون الشخص المطلوب تسليمه تمت محاكمته بحكم نهائي من قِبل الدولة المطلوب منها التسليم ([9])

رابعاً/ كيفية تسليم المجرمين وإجراءاته:

تقدم طلبات التسليم بالطرق الدبلوماسية وتفصل فيها السلطات المختصة بحسب قوانين كل دولة ([10]) ويكون طلب التسليم مصحوباً ببعض الوثائق التي تطلبها الدولة المطلوب منها التسليم ويجدر بنا هنا التفرقة في الإجراءات بين حالتين:

الأولى/ المطالبة بتسليم متهم: عند المطالبة بتسليم متهم مع طلب التسليم يتم إرفاق معلومات المتهم الشخصية وصورته إن أمكن و الاتهام الذي وجه له، وأمر قبض بالتفويض من الدولة طالبة التسليم للدولة المطلوب منها التسليم مثلاً لو تم ارتكاب جريمة اختلاس مال عام لإحدى الموظفين العمومين في الأردن وهرب بعد الجريمة إلى دولة قطر فعندما تم اكتشاف جريمة الاختلاس تقوم دولة الأردن بتوجيه اتهام للموظف وتبدأ بإجراءات المحاكمة وخلال هذه المحاكمة يمكن للأردن مطالبة قطر بتسليم هذا الموظف إذا تحققت الشروط الوارد ذكرها في الأعلى.

الثانية/ المطالبة بتسليم مجرم أو محكوم عليه: عند المطالبة بتسليم مجرم ومحكوم عليه بحكم نهائي قطعي يتم إرفاق مع طلب التسليم معلومات الشخص وصورته إن أمكن والحكم النهائي الصادر بحقه، والتفويض في أمر قبض، نطبق المثال السابق ذكره أن دولة الأردن حاكمت المتهم غيابياً حيث أنه لم يكن لديها أي إثبات على وجوده في دولة قطر وبعد صدور الحكم النهائي وقبل تقادمه تمكنت من معرفة مكان المحكوم عليه حينها تطالب الأردن دولة قطر بتسليم المحكوم عليه لتطبيق العقوبة الصادرة في حقه.

وفي حالات الاستعجال والخوف من هروب المجرم يمكن للدولة طالبة التسليم -الأردن كما في المثال السابق- أن تطلب من الدولة المطلوب منها التسليم -قطر- توقيف المجرم احتياطياً لمدة 30 يوم وتمدد مرة واحدة فقط لتتمكن خلال هذه الفترة الدولة طالبة التسليم من تقديم طلب تسليم بشكل رسمي ومرفق فيه الوثائق المطلوبة المذكورة آنفاُ وإذا لم يتم تقديم طلب رسمي يحق للدولة المطلوب إليها التسليم إطلاق سراح المتهم الذي تم توقيفه احتياطياً، وبمجرد وصول طلب التسليم للدولة الذي يقع المجرم على أراضيها تلتزم بحمايته حتى تسليمه للدولة طالبة التسليم، وتكون نفقات عودة المجرم على نفقات الدولة طالبة التسليم ([11]).

المصادر والمراجع:

1.    سمر الخضري، 2010، أحكام تسليم المجرمين في فلسطين، بحث ماجستير، جامعة الأزهر-غزة، ص83

2.    سمر الخضري، المرجع السابق، ص65

3.    سمر الخضري، المرجع السابق، ص 63

4.    سمر الخضري، المرجع السابق، ص 58

5.    المادة 7 من اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953م

المادة رقم 39 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983م.

6.    المادة رقم 40 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983م.

7.    المادة رقم 40 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983م.

8.    المادة رقم 21 من الدستور الأردني

9.    المادة رقم 4 من اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953م.

المادة رقم 41 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983م.

10. المادة 6 من اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953م.

11. المادة 3 من اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953م.

12. المادة رقم 5 من اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953م.

13. المادة رقم 41 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983م

14. المادة رقم 8 من اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية سنة 1953م.

المادة 42 حتى 44 من اتفاقية الرياض