التحكيم الإلكتروني في منازعات


مزايا و مخاطر و امثلة

علاء الدين ملحم

محامي


يتكلم اليوم مكتب المحاماة ملحم للقانون و الاعمال حيث تطور التحكيم وأصبح مواكباً للتطورات التي طرأت على المجتمع خصوصاً في مجال تقنية المعلومات وأصبح من الممكن أن يتم اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني لفض المنازعات الناشئة عن العلاقات التعاقدية بين التجار.

فالتطورات التي طرأت على الوسائل الإلكترونية لم تعد قاصرة فقط على مجرد إبرام العقود وإتمام المعاملات، بل أصبح من الممكن كذلك أن يتم حل المنازعات الناشئة عن تلك المعاملات بصورة إلكترونية وهو ما يوفر السرعة في إنهاء المنازعات فضلاً عن تكلفته الاقتصادية وحفاظه على السرية، وغير ذلك من الأمور التي تتوافق والأعمال التجارية العادية منها أو التجارة الإلكترونية..


: اولا: مزايا ومخاطر اللجوء إلى التحكيم الإلكترونيا

مزايا التحكيم الإلكتروني::

أ- إمكانية إنهاء النزاعات دون شرط التواجد في ذات المكان مما يوفر الجهد والوقت والنفقات.

ب- لا يشترط الاتصال بل يمكن إرسال الرسائل واسترجاعها في أوقات مختلفة.

ج- تكون المعلومات مخزنة مما يسهل على المحكمين من الفصل في النزاع بعد تدقيق الأدلة التي تم عرضها عليهم.

د- يكون النزاع سريا وليس علانيا.


مخاطر اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني:

تعدد مخاطر اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني والتي تتمثل فيما يلي:

أ- عدم الإعتراف به من قبل قوانين بعض الدول:

تتسم بعض القوانين بالجمود النسبي، حيث يكون تطور القوانين بطيء نسبياً وهو ما قد يُعرض حكم التحكيم الإلكتروني إلى عدم الاعتراف به من قبل بعض الدول إذا كان قانونها الداخلي لا يعترف بهذه الصورة من التحكيم.

ب- عدم قبول المستخدم لشرط التحكيم قبولاً واضحاً:

ذلك أن المستهلك والذي يقوم بإجراء معاملاته عبر مواقع التجارة الإلكترونية عادة ما يفتقر إلى الخبرة التي تمكنه في دراسة شرط التحكيم حتى يكون على بينة من أمره في قبوله أو رفضه، فقبول مثل هذا الشرط يسلب منه حق اللجوء إلى قاضيه النظامي حال حدوث نزاع بينه وبين الطرف الأخر في العلاقة القانونية التي قام بإبرامها.

ج- الخشية من عدم حيدة ونزاهة الهيئة التحكيمية:

حيث إنه من الصعب الحكم على هيئة التحكيم فيما يتعلق بمدى نزاهتها وحيدتها، حيث يكون التحكيم الإلكتروني بوسائل الاتصال عن بعد وهو ما يعيق التمكن من بيان مدى نزاهة المحكمين وحيدتهم، فمن المتصور أن يكون لتلك الهيئة معاملات مالية سابقة مع أحد الأطراف غير معلنة وبالتالي فإن ذلك من شأنه أن يؤثر في نزاهتهم ويؤدي إلى ميلهم لطرف على حساب الآخر.

د- الإخلال بحقوق الدفاع:

فالتحكيم الإلكتروني لا يطبق فكرة روح القانون ولا يعتد فيه – عادة – بالمرافعات، الأمر الذي يؤثر على حقوق الدفاع ويؤدي إلى إهدارها في العديد من الأحيان.

التحكيم الصادر من المنظمة العالمية للملكية الفكرية والأدبية (Wipo):

تلعب منظمة الوايبو في مجال التجارة الإلكترونية، فلقد كان لهذه المنظمة العديد من الإسهامات التي أدت إلى تطور التجارة الإلكترونية الدولية، ويأتي مؤخراً على رأس تلك الإسهامات الترسيخ لفكرة التحكيم الإلكتروني في منازعات التجارة الدولية الإلكترونية.

حيث تتم إجراءات التحكيم الإلكتروني وفقاً لمنظمة الوايبو أمام لجان تحقيق إدارية تتضمن خبراء دوليين في مجال التجارة الإلكترونية خاصة في المليكة الأدبية وأسماء الدومين، ويمكن من خلال هذا النظام التغلب على العديد من الصعوبات، حيث يسمح هذا النظام للأطراف بحرية اختيار القانون الواجب التطبيق، رغم اختلاف الجنسيات.

نظام القاضي الافتراضي

نظام القاضي الافتراضي هو نظام أمريكي تم إنشاؤه عام 1966 من قبل أساتذة مركز القانون وأمن المعلومات، حيث بموجب هذا النظام يتم تجميع الخبراء المتخصصين في شتى المجالات وعلى رأس تلك المجالات التجارة الإلكترونية الدولية ويقوم القاضي الافتراضي بالتحاور مع المتنازعين ويفصل في النزاع في خلال 72 ساعة منذ اللحظة التي يُعرض فيها عليه النزاع.

ويكون الاتصال بالقاضي الافتراضي من خلال وسائل الاتصال الإلكترونية والتي تتمثل عادة في البريد الإلكتروني، حيث بموجب ذلك يتم عرض تفاصيل النزاع على القاضي الافتراضي والذي يمثل مجموعة من الخبراء من ذوي التخصص ويكون دورهم المنوط بهم وضع الحل الأمثل للنزاع في أسرع وقت مع الاحتفاظ بسرية المعلومات التي عُرضت عليهم.

نظام المحاكم الافتراضية

حيث تلعب المحكمة الافتراضية دور المنوط بها في وضع حلول للمنازعات التي تُعرض عليها بصورة إلكترونية، حيث تختص تلك المحكمة بالمنازعات التي تُعرض عليها وتتعلق بمناحي التجارة الدولية سواء المتعلقة بحقوق المؤلف أو التجارة الإلكترونية أو المنافسة الغير مشروعة وغيرها من المجالات التي قد يحدث فيها منازعات في التجارة الدولية.

ويكون عرض النزاع على تلك المحكمة من خلال الدخول على الموقع الخاص بها ويقوم ذوي الشأن بملء نموذج إلكتروني وتحديد كلمة مرور شخصية له، على أن يقوم القائمين على الموقع بفحص مدى إمكانية قبول طلب التحكيم.

فإذا قُبل طلب التحكيم يُعين حقل خاص بالقضية المعروضة على المحكمة لا يسمح بالدخول إليه إلا لذوي الشأن القائم بينهم النزاع، بل ولا يكون لهؤلاء الدخول إلا للأجزاء التي تتعلق بكل طرف فيهم فقط وذلك لتوفير أقصى درجات الحفاظ على سرية معلومات الأطراف المتنازعة.


والواقع أنه فيما يتعلق بالتحكيم الإلكتروني فلا يوجد حاجة إلى تحديد مكان هيئة التحكيم، لأن تحديد مكانها لن يؤثر على مصلحة الأطراف حيث يكون لهم التواصل مع هيئة التحكيم بصورة إلكترونية مهما اختلفت أماكن تواجدهم.

ولكن أهمية تحديد مكان هيئة التحكيم تتجلى في القانون الواجب تطبيقه على عملية التحكيم ذاتها، حيث إن التحكيم يحكمه القانون الساري في الدولة التي يُجرى فيها، بحيث يكون لقضاء تلك الدولة بسط رقابته على إجراءات التحكيم التي اتبعها المحكمين أثناء سير الدعوى لبيان مدى التزامهم بالحفاظ على حقوق الدفاع وعدم مخالفتهم للقواعد الآمرة التي نص عليها المشرع.

ففي القانون الأردني نجد (المادة 3/1) من قانون التحكيم نصت على أن: (مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية النافذة في المملكة تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم اتفاقي، يكون مقره في المملكة وعلى كل تحكيم يتم الاتفاق على إخضاعه لهذا القانون، سواء تعلق بنزاع مدني أو تجاري بين أطراف أشخاص القانون العام أو القانون الخاص وأياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، عقدية أو غير عقدية).

فمن خلال مطالعة النص السابق يتبين أن التحكيم يخضع للقانون الأردني في حالتين وهما:

  • أن يكون مقر هيئة التحكيم في المملكة الأردنية.
  • أن يتفق الأطراف على أن يخضع التحكيم الذي يتم خارج المملكة الأردنية إلى القانون الأردني.

وهذا الأمر يمثل إشكالية بالغة الأهمية، بالغة الصعوبة في إيجاد الحل القانوني لها، حيث أين يكون مكان انعقاد هيئة التحكيم؟ فقد تُشكل هيئة التحكيم الإلكتروني من ثلاثة محكمين يكون كل منهم في دولة تختلف عن الأخر، فلأي قانون دولة من تلك الدول يخضع التحكيم؟

والواقع وفي ظل عدم وجود رأي قاطع لحل تلك الإشكالية فيمكن القول بأن الأطراف – وقبل بدء الخصومة التحكيمية الإلكترونية – عليهم الاتفاق على إخضاع عملية التحكيم ذاتها إلى قانون بعينه لتلافي إشكالية تحديد هذا القانون فيما بعد.

النطاق الزماني لإجراءات التحكيم الإلكتروني:

لا يخفى عن الفطنة ما للمواعيد من أهمية بالغة في تحديد الوقت الذي يتخذ فيه الإجراء أو الوقت الذي تم بالفعل فيه اتخاذ الإجراء وما يكون لذلك من آثار قانونية، فهناك إجراءات يكون لها وقت مُعين يتعن اتخاذها خلاله وإلا سقط الحق في اتخاذ ذلك الإجراء.

وفيما يتعلق بالتحكيم في صورته التقليدية فعادة ما تبدأ إجراءاته منذ اللحظة التي يكتمل فيها تشكيل هيئة التحكيم، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، ولا يختلف الأمر كثيراً فيما يتعلق بالتحكيم الإلكتروني، حيث بمطالعة برامج تحكيم المحكمة الافتراضية يتجلى لنا أن إجراءات التحكيم تبدأ منذ اللحظة التي يتم فيها الاتفاق على تعيين محكم مختص بنظر النزاع.

الإعلانات والتبليغات والإخطارات:

يكون للأطراف الحرية الكاملة في تحديد كيفية الإخطارات، أو بريد إلكتروني، أو غيرها من وسائل الإرسال والتي تمكن من التحقق من حصول الإرسال بالفعل.

4- انعقاد الجلسات:

لا تثير فكرة انعقاد الجلسات في التحكيم الإلكتروني في منازعات التجارة الدولية ثمة مشكلة، حيث يمكن أن يكون الانعقاد من خلال وسائل الاتصال المرئية والمسموعة، أو من خلال الانعقاد الافتراضي الغير متعاصر والذي يعتمد على إرسال الرسائل وتخزينها ومعاودة قراءتها